كانت اول سنة لي فى الكلية (هندسة) السنة دى .... دخلت الكلية بتطلع لتحقيق هدفى .... حلمت كتيييير و ادينى اهو بدأت الطريق .... كنت متشوقة اوى انى ابدأ ادرس فالمجال اللى حبيته ، و اقابل الناس الى المفروض داخلين الكلية عشان بيحبوها ( ده اللى افتكرتة فالأول لانى كنت شهادة معادلة و ماكنش لىّ علاقة بطلاب الثانوية المصرية و معلوماتى ان هندسة كلية القمة لطلاب علمى رياضة )...
و بعدين دخلت الكلية و ياريتنى ما حلمت... كنت متفائلة جدا و بعدين بدأت اصتدم بأر
ض الواقع....فى أول اسبوع اتعرفت على بنات كتييييييييير اوى ، كنا كلنا مش عارفين اللى بيحصل و مش عارفين ده مبنى ايه و ازاى نوصل لسكاشنا ... بنات من كل شكل و لون ، مختلفين فى الطبايع ، فالاخلاق ، فالافكار ، فالمستويلت الجتماعية ... بس متفقين فى حاجة واحدة بس ... ولا واحدة منهم بتحب الكلية او كانت عايزة تدخلها!!!!
و الصدفة لعبت دورها فى انى اتعرف على بنات تانية من كليات تانية ... و بردو ...كلهم دخلوا الكليات ( صيدلو و طب ) عشان اهاليهم او عشان يفضلوا فى اسكندرية..... المشكلة وضحت لىّ منهم و من اصحابى اللى كانوا معايا قبل كدة ، اغلب البنات دول يمكن كانوا بيحلموا بحاجة بس ماكانوش مؤمنين بحلمهم " نفسى فى كذا ، بس لو دخلت حاجة تانية مش هاموت ، ادينى هاقعد فى البيت فى الاخر" !!! منتهى السلبية ، ماكانوش بيجروا ورا الحلم ، و طبعا اما الاهل بيشوفوا كده بيحسوا ان بناتهم و اولادهم مش قد تحمل مسؤلية القرار ده دلوقتى ، فبيختارولهم بنفسهم ، و بعدين يفوق الابناء متأخر و يقولوا ده ماكانش اللى انا عايزه ، و يتهم الاباء الابناء بأنهم مش قد المسؤلية ، و لا بيذاكروا و لا عندهم هدف ، و تتعمق الفجوة مابينا اكتر ، الله طب ما انتوا اللى من الاول معلمتهمش ازاى يسعوا وراء هدف و استريحتوا انكم هتختاروا هدفهم بنفسكم!!!
خرجت من اول اسبوع دراسة محبطة ، كان اول مرة اشوف مثال للسلبية فى الحقيقة بالكمية دى ...
و طبعا بدل دخلت الكلية ، يعنى فيه انتخابات ، و اتحاد طلبة ، و تيار اسلامى (غالبا الأخوان ) ، و كافيتيريا ، و ولاد و بنات ، و معيدين و دكاترة ..... بس انا هاتكلم عن السلبية اللى شفتها و نتعلقة بالحياة الجديدة دى
السياسة : يا بنتى احنا مالنا ؟ ، احنا جايين نتعلم و نمشى ؟
الانتخابات : احنا مالنا بالكوسة دى ؟ دى ناس فاضية و مش هاتفرق معنا
اتحاد الطلبة : بيعمل اسر و رحلات ... الأسر مابنحسش بيهم و الرحلات اغلبنا مابيطلعش!!
الاخوان : ابعد عن الشر و غنى له ، هما كويسين بس خلينا بعيد ، انت مالك بالسكة دى؟؟!!!
الكافيتريا : يا بنتى انا اصلا باجى الجامعة اقعد هناك مع اصحابى
ولاد و بنات : بيهزروا باليدين و الاكتاف و الرجلين اوقات ( اه والله ) ، و بيضحكوا بصوت عالى و تحس انك واقفين فى كاباريه مش كلية و لا حتة الشارع !!!!!!!
المعيدين و الدكاترة : الطلاب طول النهار بيشتموهم متعرفش ليه و لو حاولت انك تفهم منه هو ليه بيشتم الدكتور ده هيقول اى هبل تتأكد منه ان اللى واقف او واقفة قدامك بتحاول تقنع نفسها ان هى احسن من الدكتور
ممكن تسأل ايه علاقة ده بالسلبية ، انا اقولك ... مش نفس الطالب اللى كان سلبى و هو بيختار كليته ، هو اللى مابيحضرش محاضرات و سكاشن و بيقعد فى الكافتريا عمال على بطال و هو اللى بيشتم الدكاترة و يقول انهم اغبية ، و هو اللى مابيذاكرش لأنه مش حابب المجال ده .. فا بيشيل المواد او السنة كلها ... و بيفشل فى الكلية و بعدين اهو ادبس فى مجال مش عاجبه فابيحاول يقنع نفسه انه مش لاقى شغل لأن فى بطالة مش لأنه مستنى جواب القوى العاملة على القهوة ... و بدل هى بايظة بايظة ، انتخابات ايه و كوسة ايه .. فكوكوا خلونا نعيش حياتنا ......... و مش هى البنت دى اللى بتقول انا بس عايزة اخلص من الكلية بأقل جهد و مجموع و اقعد فى البيت ، يعنى الولاد مش لاقيين شغل انا هلاقى
من الاخر... السلبية دى حاجة فى الشخصية و منهج للحياة
بس اكتر سلبية كانت بيغظنى ... السلبية فى السياسة ، لأن دى بتخص الامة مش الفرد بس اللى ممكن يضر نفسه او ينفعها ... ببقى مبسوطة اوى لو واحدة قالت لى ان رأيى كذا ، حتى لو ده يعارض رأيى ، لأن ده معناه ان هى او هو فكروا و قروا و بحثوا و اقتنعوا بحاجة معينة اتفقت معاها او اختلفت " الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية " استخدموا عقلهم .......
لكن تانى اصطدمت بأرض الواقع .... اصحابى اصلا عاملين حذر تجول على فكرهم ... خايفين من التفكير مجرد التفكير فى الشؤون السياسية .... مالهومش فى السياسة ، و لا يعرفوا ايه اللى بيحصل حواليهم جوه او برة الكلية و مابيحاولوش يفكروا ايه الصح و ايه الغلط ....اما بكلمهم بفتكر و انا صغيرة اما كان جدة يقولنا " من لم يهتم بأمر المسلمبن فليس منهم " ... الله عليك يا جدو ... تعالى شوف اللى بيحصل دلوقتى....
و من المواقف المضحكة اللى قابلتها بخصوص السلبية فى السياسة
1. كان طلاب الأخوان عاملين مظاهرة ايام موضوع فاروق حسنى و الحجاب ... و خلصت المظاهرة السلمية جدا .. و بعد يومين لاقيت واحدة صحبتى بتحكيلى ..." كنت يوميها فى الكلية و ماشية مع واحدة صحبتى ، فقالت لى ان الأخوان هيعملوا مظاهرة الساعة 2 ، سألتها الساعة كام ، قالت اتنين الا عشرة ، قلتلها قدامى عشر دقايق اسيب فيها الكلية ، و خلعت " طب ايه رأيكم ، ماسألتش هى المظاهرة بتاعت ايه و لا طالعة ليه و كمان خافت تكون متواجدة فى الكلية فى الوقت ده ....
2. مرة كنت ماشية مع واحدة صحبتى ، قابلتنا واحدة صحبتى من الاخوات فسلمت عليه و سألتها على امتحانها الشفوى و بعدين كملت طريقى ، قامت صحبتى اللى معايا قالتلى " انا خايفة عليكى انت بتسلمى عليهم و مرة ذهبت للمسجد اللى بيقعودا فيه ....." و كلام تانى كتير نابع من حب ، بس السؤال ، هو انا عملت ايه غلط ؟ سلمت على واحدة ولا صليت فى المسجد ... ليه الخوف ده كله ؟
ليه بقينا سلبيين ؟ يمكن عشان بقينا بنخاف اوى ، يمكن عشان حالة الحباط اللى ماشية ، يمكن لأننا مؤمنين ان رأيينا مبقاش فارق ، يمكن من اللى شافوه ابأنا و امهاتنا طول حياتهم خلاهم يربونا على عدم ابداء رأيينا ...
احنا بقينا بنخاف من خيالنا فتعمقت السلبية فينا اكتر و اكتر ، لأ مش هانقشوه لأن اعمال السنة فى أيده ، لأ بلاش نشترى المذكرة من الأخوان بدل اتحاد الطلبة منزلها ، الحيطان ليه ودان ، .......... السلبية بقة سمة فينا ،من اختيار اهلنا للبسنا و اكلنا و شربنا و كليتنا و مصيرنا .. لغاية السلبية فى اختيار فكرنا و مستقبلنا و حاكمنا .......
و طبعا مش محتاجة اقول ان ده يبسط ناس بتحبنا اوى ، نفسها نفضل ساكتين و مالهيين فى اى حاجة تانية ... ماهو اللى هيدخل المجال اللى مش بيحبوا اكيد مش هيطلع عالم ، و اللى مش هيشارك فى انتخابات اتحاد الطلبة مش هيفكر يقول هو عايز مين يمثله فى مجلس الشعب و لو حتى على سبيل استخدام حق من حقوقه ، و هيتليهى فى الامتحانات اللى ورا بعديها و مش هيفكر فى مظاهرة ...
كل حاجة مرتبطة بالسلبية و الايجابية
يتجوز واحدة سلبية ، و ينقلوا العدوة لأولادهم ، و يتأخر محمد المهدى ، و يموت صلاح الدين للأبد ، و يستفيد غيرنا من احمد زويل ، و نستورد اكلنا و شربنا و عليهم جميع الامراض هدية ، و نصدر تخلف و اغانى من صنف "العنب" و "قوم اقف و انت بتكلمنى " و تسقط حضارتنا و نخسر بلدنا
